بيت في الدنيا وبيت في الحنين

متاح للطلب
كان يروض بناي القصب لحناً عصياً من لحون الحنين في خلوة المساء عندما باغته حكيم الجن. لوعته الوحشة في عزلة المراعي، فخاض في أوحال المستنقع المتخلف عن غدران السيول ليستقطع من عيدان القصب ساقاً دبر منه ناياً لئيماً نعته حكماء الدعاة فقالوا أنه الآلة الوحيدة في الصحراء التي استطاعت أن تحتال على الخفاء، وتستجدي من أركانه معشوقاً اسمه الحنين. قبل أن يعارك ساق القصب لاستدراج الحنين، احتال على المجهول، وحاول طويلا أن يستدرج الحنين بالصوت، بالأغاني، ولكنه أخفق دائماً، فلم يجد مفراً، للتنفيس عن كربته، غير الدموع استلقى على قفاه مراراً، عقب كل إخفاق، وتطلع إلى السماء اللامبالية بعينين مغمورتين بالدموع، فلا يكتشف أنه غاب في الرحاب أكثر مما ينبغي إلا عندما تلسعه شمس الصباح بسياطها النارية، فيجد أن غيبته لم تستغرق الليل كله وحسب، ولكنها استقطعت نصيباً من نهار الأمس أيضاً. وكان كثيراً ما يتساءل عن سر الإغفاءة، لأن أحداً لم يخبره يوماً أن الهم إذا زاد عن الحد يمكن أن يكون سبباً لذلك الجنس من الإغماء. كما لم تستثر الدموع في مقلتيه دهشته أيضاً، لأنه لم يذكر نفسه إلا باكياً: إذا استصغره الأغيار بكى، وإذا استكبروه أيضاً بكى، وإذا أبصر الفراخ الجرداء في أعشاش الطير زعزعه الشوق وبكى. ولكن لا يبكيه شيء كما تبكيه اللامبالاة القاسية في معشوقتيه الخالدتين: السماء وقرنيتها السفلى الصحراء! عاهد نفسه أن يحتمل كل شيء، ولكنه أخفق دائماً في الصدد أمام مرأى الصحراء ومرأى السماء، فكان يغسل مقلتيه بأنبل وأحر أصناف الدمع مع مطلع كل شمس، لأن سليل الصحراء، ومعشوقته الأخرى السماء، لا بد أن يصير البكاء له قدراً. تستهويك حكاياته، تمتطي مع سردياته غيمات ترحل بك عبر سماوات الخيال تسكن روحك هناك منتشية بسحر الإبداع الأدبي.
٦٨٫٠٠ ر.ق.‏
الكمية
Same-day to 2-day delivery

المزيد من المعلومات

title-right-arrow
accordian-arrow
المزيد من المعلومات
رقم الصنف 1BO01020460843XXX
الرقم التسلسلي 9789938999099
الرمز الشريطي 9789938999099
التصنيف ديني
سنة النشر 2002
عدد الصفحات 399
Cashback Enable لا

أراء المشتريين

title-right-arrow
accordian-arrow
كتابة مراجعتك
انت تقيم:بيت في الدنيا وبيت في الحنين
تقييمك
قارن