عندما أعلن باتريك بوكانان الحرب من أجل روح أمريكا في المؤتمر الجمهوري الوطني عام 1992، فَهِمَ كل من سمعه أنه كان يقصد الحروب الثقافيّة التي كانت قد احتدمت طوال العقد الماضي، وسوف تستمر حتى نهاية القرن. اتسم ذلك العصر بالاستقطاب وتأليب المحافظين ضد الليبراليين والعلمانيين، وبالمواقف التي يغذيها الغضب العميق وعدم الاستقرار.كان خطاب بوكانان الناري نقطة مهمة في الحروب الثقافية، ولكن كما يُظهِرُ هارتمان في هذا الكتاب التحليليّ الغنيّ، كانت جذور الحروب الثقافية أبعد من ذلك، منذ اضطرابات الستينيّات، كما أن أهميتها أكبر بكثير مما يفترضه الناس عمومًا. يجادل هارتمان أن الحروب الثقافية أكثر من مجرد نقاش جانبيّ، بل كانت الثيمة المميِزة لأمريكا في تلك الفترة بسبب التغيرات الاجتماعية غير المسبوقة، حيث بدأت مجموعة القواعد الاجتماعية التي كانت تحكم الحياة الأمريكية لفترة طويلة في التهاوي وخلق أفكار وهويات ومفاهيم وقيم أمريكية جديدة. هيمنت القضايا الجدليّة مثل: الإجهاض والفن والرقابة والنسوية والمثلية الجنسية على السياسة الأمريكية في تلك الفترة، كانت تلك هي أعراض النضال الكبير، بينما بدأ المحافظون والدينيون ببطء في الاعتراف، وإن بدا أنه رفض في البداية، بالتحولات الأساسية للحياة الأمريكية. لم تكن أمريكا قط أكثر حزبيّة وتنوعًا في الوقت نفسه مما هي عليه الآن، حرب من أجل روح أمريكا يوضح بالتفصيل كيف وصلت أمريكا إلى هذه المرحلة، ويشرح باستفاضة تاريخ كل تلك الحروب الثقافية. حرب من أجل روح أمريكا.