يعيش الإنسان الذي أكرمه الله بالعقل والتفكير الواعي, ووهبه اللسان الناطق المُعبر عن احتياجاته واتجاهاته, واختصه بإرادة قوية وهادفة، تائهاً بين الموجات الحضارية والتغيرات السريعة المُتلاحقة في شتى مجالات الحياة في ظل عالم مليء بالصراعات والمشكلات النفسية والاجتماعية والاقتصادية. لذلك فهو بأمس الحاجة إلى فهم ذاته فهما يُمكنه من السيطرة عليها وضبطها وتوجيهها، وقد يكون هذا هو الطريق الوحيد إلى الخلاص من أزمات هذا العصر. وعلم النفس بصورته العلمية الموضوعية الحديثة علم وارف الظلال له مكانته بين العلوم الإنسانية والطبيعية, ويهتم بدراسة السلوك الإنساني في محاولة لفهم هذا السلوك وتفسيره والتنبؤ به وضبطه والتحكم به سعيا وراء تعديله وتغييره، ودراسة السلوك دراسة علمية دقيقة جعلت الإنسان محورا للاهتمام بذلك, فالهدف من دراسة السلوك تنمية دافعية الإنسان وتحسين جودة حياته لان الإنسان بطبيعة ظروفه ومتغيرات بيئته المختلفة وما يحمله من عوامل وراثية يصادف عبر مراحل نموه المختلفة الكثير من أشكال الانفعالات السلبية والايجابية والكثير من المتناقضات وتتنوع ردود أفعاله بين سعادة وحزن, تفاؤل وتشاؤم, أمل وأسى, وتمضي حياته وقد طبعت بكافة تلك المشاعر وفعلت فعلتها النفسية في تفكيره ومحتوى شعوره. لذا فإن علم النفس يساعد الإنسان على تخطي الأزمات النفسية وتحقيق التوافق الجيد ويضعه على ارض صلبة تجعله يشعر بالرضا عن الحياة من أجل أن يكون أكثر سعادة وتفاؤلا وايجابية وبالتالي فهو بلا شك يكون بهذه المقومات عضواً صالحاً لنفسه أولاً ولأسرته ومجتمعه قادراً على المساهمة بفاعلية في التنمية والبناء ومن هنا كان لزاماً على الفرد أن يكون لديه إلمام وفهم بأساسيات هذه المعرفة النفسية سواء كان إنساناً عادياً قادراً على القراءة والتدبر أو كان إنساناً متخصصاً أو كان طالب علم يريد الاستفادة والاستزادة من علم النفس. ولقد روعي في هذا الكتاب توخي القصد المُيسر والأسلوب المُبسط وتجنب الإيجاز المُخل والتفصيل المُمل لكي يصبح المحتوى سهل الاستيعاب وسريع الفهم دون الإخلال بالمضمون. ويتكون الكتاب من اثني عشر فصلاً جاءت على النحو التالي: الفصل الأول: يتناول مفهوم علم النفس وأهدافه ونشأته, كما يقدم عرضاً موجزاً لأبرز المدارس والاتجاهات النفسية المفسرة لعلم النفس ثم يعرض ابرز مجالات علم النفس. الفصل الثاني: يعرض مناهج البحث في علم النفس وخطوات كل منهج ومميزاته وعيوبه. الفصل الثالث: يتطرق إلى مفهوم النمو ومبادئه والعوامل المؤثرة فيه ثم مراحل النمو ومطالبه ونظرياته المختلفة. الفصل الرابع: يتضمن مفهوم التعلم وأنواعه, والفرق بين التعلم والتعليم ثم شروط التعلم ومعرفة العوامل المؤثرة في التعلم, كما يشمل هذا الفصل النظريات المفسرة للتعلم. الفصل الخامس: يعرض الفصل مفهوم الدافعية وتصنيف الدوافع ثم طبيعة الدافعية وأهميتها في التعلم, ومناقشة العوامل المؤثرة في قوة الدافعية للتعلم, والحديث عن ابرز نظريات الدافعية. الفصل السادس: يتناول مفهوم الانتباه والإدراك والعوامل المؤثرة في الانتباه, والعلاقة بين الإحساس والإدراك ثم تحديد العوامل المؤثرة في الإدراك. الفصل السابع: يعرض مفهوم الذاكرة وأنماطها ومفهوم التذكر, ثم مفهوم النسيان والنظريات المفسرة له, وتحديد العوامل التي تساعد على التذكر والاحتفاظ به ثم كيفية تحسين الذاكرة. الفصل الثامن: يتضمن مفهوم الذكاء وكيفية قياسه, ثم عرض ابرز النظريات المفسرة للذكاء. الفصل التاسع: يتناول مفهوم التفكير وكافة أنماطه وأشكاله. الفصل العاشر: يعرض مفهوم الانفعالات وشروط حدوث الانفعالات, ثم التغيرات المصاحبة للانفعالات, وكيفية نمو الانفعالات وتطورها, ثم يتحدث الفصل عن نماذج لبعض الانفعالات الشائعة, والتطرق إلى الانفعالات والأمراض السيكوسوماتية ثم عرض نظريات الانفعالات, والحديث عن النضج الانفعالي. الفصل الحادي عشر: يتعلق هذا الفصل بمفهوم الشخصية ومحدداتها, وأنماطها ,وعرض نظريات الشخصية وكيفية قياسها, ثم تحديد سمات الشخصية السوية. الفصل الثاني عشر: وقد تم تخصيصه للحديث عن الاضطرابات النفسية والعقلية وطرق علاجها وهي: القلق والاكتئاب والوسواس القهري والهستيريا ثم الفصام والهوس والهذاء.